ملخص في أحكام الأضحية
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فهذه بعض الأحكام المتعلقة بالأضاحي، نسوقها لكم سائلين المولى عز وجل أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال:
1. الأضحية سنة مؤكدة, وليست بواجبة, وهو قول جمهور أهل العلم, ويكره ترك الأضحية مع القدرة عليها, قال أبو هريرة رضي الله عنه " مَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ، فَلا يَقْرَبَنَّ مُصَلانَا ".
وقال الإمام أحمد رحمه الله: والأضحية أفضل من الصدقة بقيمتها.
2. ويستحب شراء الأضحية قبل وقت الذبح, ويستحب تسمينها, قال أبو أمامة بن سهل رضي الله عنه: " كنّا نسمن الأضحية بالمدينة, وكان المسلمون يسمنون ".
ويجتنب في الأضحية العوراء البيّن عورها, والعجفاء أي الهزيلة التي لا مخّ لها, والمريضة التي لا يرجى شفاؤها, والعرجاء البيّن عرجها, أما مشقوقة الأذن أو مكسورة القرن فيستحب أن يعدل عنهما, وإن لم يجد غيرهما فلا بأس, وغير تلك العيوب الأربعة الأولى, تجزئ, وكذلك يجزئ الخصيّ.
3. ويكره (ولا يحرم) لمن دخل عليه عشر ذي الحجة وأراد أن يضحي, أن يأخذ من شعره أو بشرته أو أظافره شيئاً, وهذا قول مالك والشافعي, وقال أحمد: يحرم عليه ذلك, والقول بالكراهة أولى والله أعلم. فلو أخذ من هذه الأمور شيئاً فعمله صحيح.
4. ولا يجزئ في الأضحية إلا ما كان من بهيمة الأنعام, الإبل والبقر والغنم, ويفضل فيها الثنية من الإبل وهو ما تمّ خمس سنين ودخل في السادسة, والثنية من البقر وهو ما تمّ له سنتان ودخل في الثالثة, والثنية من الضأن إذا تمت له سنة, ويجزئ الجزعة من الضأن (وهو ما تم ستة أشهر), فلو ضحى بأقل من هذه الأسنان أجزأ إن شاء الله شريطة أن تكون مقبولة الحجم.
5. يبدأ وقت ذبح الأضحية من بعد صلاة عيد الأضحى، وينتهي بغروب الشمس من اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة. أي أن أيام الذبح أربعة: يوم الأضحى وثلاثة أيام بعده.
والأفضل أن يبادر بالذبح بعد صلاة العيد، كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم يكون أول ما يأكل يوم العيد من أضحيته . روى أحمد (22475) عن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ ، وَلا يَأْكُلُ يَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يَرْجِعَ ، فَيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ .
6. وتجزئ الأضحية من الرجل عنه وعن أهل بيته. وتجزئ البقرة عن سبعة أفراد, والبدنة (الإبل) كذلك.
7. ويستحب للمضحي أن يأكل من الأضحية, ويهدي, ويتصدق, بلا تحديد لنِسَبِ ذلك, فالأمر واسع في ذلك.
8. يستحب للمضحي أن يضحي بنفسه, ويقول وهو يذبح " بسم الله , والله أكبر " وإن زاد " اللهم هذا منك ولك, اللهم تقبل مني, أو تقبل من فلان " فحسن أيضاً.
وإن وكّل أحداً بالذبح له كالجزار أو غيره فجائز أيضاً, وليس شرطاً أن يشهد الذبح بنفسه, لكن يستحب له ذلك.
الكيفية الصحيحة لذبح الأضحية: إذا كانت الأضحية من الغنم (الضأن أو المعز) أن يضجعها على الجنب الأيسر ـــ إذا كان يذبح بيمينه ــــ فإن كان يذبح بيساره فإنه يضجعها على الجنب الأيمن؛ لأن المقصود من ذلك راحة البهيمة، والإنسان الذي يذبح باليسرى ما ترتاح البهيمة إلا إذا كانت على الجنب الأيمن ويضع رجله على رقبتها حين الذبح، ويمسك بيده اليسرى رأسها حتى يتبين الحلقوم، ثم يُمِر السكين على الحلقوم والودجيْن والمريء بقوة؛ فـيُنهِر الدم.
وأما أيديها وأرجلها فإن الأحسن أن تبقى مطلقة غير ممسوكة؛ لأن ذلك أرْيح لها، ولأن ذلك أبلغ في إخراج الدم منها؛ لأن الدم مع الحركة يخرج، فهذا أفضل.
ويقول عند الذبح:"بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك، اللهم هذه عني وعن أهل بيتي ".
أما غير الأضحية: فيفعل فيها هكذا لكنه يقول عند الذبح: بسم الله والله أكبر. فقط.
أما إن كانت من الإبل أو من البقر فتنحر وهي واقفة.
9. ويعطي الجزار أجرته, ولا يعطيه بأجرته شيئاً من الأضحية, فعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِجُلُودِهَا، وَجِلالِهَا، وَلا أُعْطِيَ الْجَازِرَ مِنْهَا شَيْئًا ".
ولا يجوز أن يبيع شيئاً من لحمها, وأما جلدها فيجوز أن ينتفع به هو, وقيل يجوز بيع الجلد, وإن تصدق به فهو أحسن , والله أعلم .
10. ويجوز أن يدخر من لحم الأضحية فوق ثلاثة أيام, كما شاء, عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " كُنَّا لَا نُمْسِكُ لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ، " فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم أَنْ نَتَزَوَّدَ مِنْهَا وَنَأْكُلَ مِنْهَا يَعْنِي فَوْقَ ثَلَاثٍ ".